السبت، 15 أكتوبر 2011

الوادع الأخير





الوادع الأخير



:
:


عاش حلم بسيط.
طفق الحلم يتنامى ويزدهر.
وينذر بأمل قادم على مهل.
كان كوخ صغير ومزرعة مترامية الأطراف
تحكي حقب وسير .
من قام ببذرها . ومن يقوم بحصادها وينعم بأفضل الثمر.
وهناك سدرة معمرة لها
من العمر الكثيرومن الظلال الوثير .
كانت ترقب نمو طفل صغير.
يتفيأ بظلها.
ويلعب بجوارها.
إنها كأمه .
تفرح لفرحة. وتحزن لحزنه.
وإن غاب عنها تنتظر وصوله بفارغ الصبر.
كبر الولد.
وأصبح رجلاً.
جاءها ذات ليله .
وهو يحمل في جعبته الكثير.
وأخذ يبوح بمكنونات قلبه النقي.
وهي تسمعه بإهتمام.
فأخبرها إنه سيتزوج إبنه عمه.
تلك التي كان يسميها وردتي .
ياه كم كان يطير فرحاً
عندما ينطق اسمها.
وكم من الورود تنشر العابق من الأطياب عند ذكرها.
وكم كان سعيداً بقرارالإستقرار.

نزلت أمطار السعادة على السدرة المعمرة فرحاً بطفلها ..
زينت القرية. وبدأت أهازيج الأفراح.
وقرعت الطبول. وكل القرية ليس على لسانها سوى أهزوجه الفرح الشعبية ..

*

(((محمد .. سلم واستلم
محمد .. راعي القلم
محمد صندوق سيسان
محمد وارد جيزان
محمد عدها الوف
محمد في ديار الشيوخ
محمد حينما نوى
محمد طير الهوى
محمد لا هدر هدر
محمد كسر امحجر
محمد حصل كاذية
محمد وامه راضية
محمد نجمة لامعة
محمد يدرس جامعة))

*

كانت ليالي خيالية.
الكل سعيد والكل يهنيء
بحبور.
ومرت الأيام
وأصبح محمد أبو أيمن.
كما أحبت السدرة
محمد . إحتضنت إبنه بسرور.
الأيام السعيده تتسرب من بين أيدينا موليه هاربه.
جلس محمد على الصخرة كعادته. يبوح للسدرة . بما يشغله .
قريتي عرضي.
ووطني وملاذي وبلاد أبائي وأجدادي.
طالبونا أن نتركها ونبتعد.
أن نقتل حلمنا فيها ونبتعد.
أن نقتل أحلى ذكرياتنا ونبتعد.
أن نقتل أن نقتل قاتل الله المعتدي الغاشم.
عدوا الله ماذا يريد من أرضنا الطاهرة الشريفة.
لحظات حيرة وخوف وضياع.
لحظات وتكون بلا وطن.
لحظات وتكون مجرد من سنينك الماضية .
ومفروض عليك حياة جديدة.. في وطن جديد وغريب عنك.
محمد يتألم .
فقرر بعد فترة تفكير عميق .
سأبقى هنا.
نعم سأبقى هنا.
لأدافع عن أرضي.
سأحمل بندقيتي وأدافع عن منزلي وأهلي.
وبارح مكانه الدافىء.
وأنتقل للكوخ. والسدرة تسمعه وهو يمرح مع إبنه أيمن .
والسعادة تملأ الكون .
والقمر يتلألأ فرحاً.
والنجوم تتعلم البوح للكواكب .
والسدرة ترقبهم وتتنهد بشجن.
إذا وصوت مدوي.
واحد .
إثنان
ثلاثة .
فكانت قنبلة أصابت المنزل
وأستشهد محمد وولده أيمن..
ووردة
بقي لها في هذه الحياة
بعضاً من شقى ..
بعضاً من غربة....
بعضاً من فقد...
بعضاً من ألم...

*

فأضحت من النازحين.
وودعت ذلك الجبل الشامخ.
ووودعت بيتها العزيز .
وسدرتها التي طالها الغدر بأيدي السفاحين.
ودعتهم وصوت العصافير تزقزق
على أغصان السدرة الممزقة.
ودعتهم في تلك الليله الأمنه الهادئه.
ودعتهم ذلك الوداع الذي لن
تسمع أصواتهم بعده.
لن تنعم بدفئهم بعده
. ودعتهم

الوداع الأخير ....
.. وداع الأرواح والأوطان معاً...ياه ما أقساه من وداع...

*

قيثارة قلمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق